آخر الأحداث والمستجدات
هذا تصور عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية بمكناس لمرحلة ما بعد كورونا
يقدم الخبير الاقتصادي وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية لمكناس، عبد الغني بوعياد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، رؤيته للطريق نحو رفع الحجر الصحي ومرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد.
1- ما هي التدابير التي يتعين اتخاذها من قبل السلطات من أجل إنجاح عملية رفع الحجر الصحي؟
لرفع الحجر الصحي عن الساكنة، والذي أعلن لمكافحة انتشار جائحة كوفيد 19، فإن السلطات المختصة مدعوة الى اتخاذ عدة تدابير من أجل عملية ناجحة، تستند الى ثلاثة مبادئ:
– رفع تدريجي للحجر عبر مراحل. مثلا، على الصعيد الاقتصادي، يمكن استئناف أنشطة بعض القطاعات الصناعية والخدماتية، مع استثناء المقاهي والمطاعم، وتأمين تدابير التباعد الاجتماعي. ينبغي حث المقاولات أيضا على اعتماد العمل عن بعد ما أمكنها ذلك لفترة محددة.
يمكن أن يكون رفع الحجر تدرجيا عن طريق الأخذ بعين الاعتبار مستوى انتشار الفيروس (عدد الإصابات على مدى أسبوع مثلا).
– إنه مسلسل تراكمي، أي أن السلطات المختصة يمكن أن ترخص لبعض الأنشطة باستئناف العمل بحسب مستوى انتشار الفيروس (المدارس والجامعات، قاعات الرياضة، المساجد، المكتبات).
– مسلسل غير نهائي، بحيث إن جاءت نتائج انتشار الفيروس مخيبة واستعاد الفيروس سرعة العدوى، تظل العودة الى الحجر مطروحة.
من المهم التأكيد أن تنقلات الأشخاص يجب أن تظل محدودة ومبررة بدواع مهنية أو عائلية ملحة، وأن ينصح بارتداء الكمامات وبالبقاء في البيوت في حال ظهور أعراض المرض. في ذات السياق، ينبغي الإبقاء على منع التجمعات والتظاهرات الثقافية والعلمية إلى حين القضاء النهائي على الجائحة.
2- ما هي، في نظركم، القطاعات التي يتعين أن تحظى بالأولوية في مسلسل رفع الحجر؟
كان لانتشار فيروس كوفيد 19 في المغرب انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني إثر توقف أو تباطؤ بعض القطاعات. اليوم، حقق المغرب نتائج ملحوظة في مكافحة الجائحة مقارنة مع دول أوروبية. أبان المؤشر الوبائي عن فعالية التدابير المتخذة من قبل السلطات المختصة، غير أن اليقظة تظل واجبة.
بمجرد رفع الحجر، ينبغي منح الأولوية للقطاعات ذات البعد الاجتماعي المهددة ماليا:
– يمكن الترخيص للصناعة باستئناف الانتاج مع احترام توجيهات السلامة والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.
– يمكن الترخيص بفتح المحلات التجارية والخدماتية شريطة احترام المقتضيات الوقائية من تطهير المحلات وتدابير النظافة وارتداء الكمامات، لكن مع استثناء المقاهي والمطاعم وقاعات السينما والمهرجانات.
– يمكن الترخيص للمدارس والجامعات بالعودة التدريجية مع احترام التباعد الاجتماعي ومعايير النظافة والصحة.
والمقاولات من جهتها مدعوة الى الانخراط في تطبيق جميع التدابير الصحية الضرورية ومعايير السلامة وتفادي أي تجمع باحترام شرط التباعد الاجتماعي. إن نجاح رفع الحجر سيكون رهينا بالتحسيس وانخراط مختلف الهيئات في التطبيق الصارم للتدابير الصحية في مواجهة الجائحة.
3- أي دروس يمكن استخلاصها من هذه الأزمة الصحية؟
على الصعيد العالمي، يتعلق الأمر بالحفاظ على العمل متعدد الأطراف والتضامن الدولي لمكافحة انتشار الجائحة (التواصل، التنسيق، التعاون على الصعيدين الجهوي والعالمي) ودعم البحث والتطوير في العلوم الطبية.
على الصعيد الوطني، يتعين التركيز على ضرورة تعزيز دولة الرعاية والاستثمارات المكثفة في القطاعات ذات الأولوية (المدرسة، الجامعة، مساعدة المعوزين…). سيكون من الحيوي دعم قطاع الصحة من خلال التكوين والبحث العلمي في العلوم الطبية واقتناء تجهيزات المنشآت الصحية.
يتعين أيضا تعزيز الرقمنة في مختلف المؤسسات والنهوض بالتعليم الإلكتروني والدروس الافتراضية داخل المدرسة.
من المطلوب إرساء نموذج للاحتياط الاجتماعي التضامني ومراجعة الاستراتيجية الخاصة بمغاربة المهجر في اتجاه إنعاش النشاط الاقتصادي بالبلاد بعد الجائحة.
4- فيما يتعلق بالقطاع التعليمي، هل ينبغي تشجيع التعليم عن بعد مستقبلا؟
لقد ساعدت الجائحة من هذا الجانب في انعاش الثقافة الجديدة للتعليم عن بعد. إنها فرصة يتعين تثمينها بعد الأزمة والقيام باستثمارات كبرى لاقتناء المعدات الضرورية لتعميق التكوين بالنسبة لأطر التدريس.
تشكل الدروس عن بعد مكملا ضروريا للدروس الحضورية وتمكن من تخفيف مشكل الاكتظاظ في بعض المؤسسات الجامعية. جاء إذن أوان انخراط أفضل في هذه الاستراتيجية الجديدة للتعليم عن بعد.
5- ما الذي سيتغير بعد هذه الأزمة الصحية؟
إن كوفيد 19 هو حالة طوارئ بالنسبة للصحة العامة قد تكون له انعكاسات وخيمة على الاقتصاد الوطني في الأمدين القصير والمتوسط.
من أجل تقديم عناصر إجابة عن هذا التساؤل، فإن التدابير الاستعجالية التي يتعين اتخاذها بعد الجائحة عديدة. على الصعيد الدولي، حان أوان إعادة التفكير في العولمة. وقد كشفت الجائحة هشاشة الأنظمة الاقتصادية والمالية.
من جانبه، يجد المغرب نفسه مدعوا الى اعادة النظر في استراتيجيته تجاه المحيط الدولي. سيكون من الصعب الحفاظ على المكتسبات واقتحام حصص جديدة في الأسواق، مادام الشركاء الرئيسيون للمغرب (فرنسا، اسبانيا وإيطاليا) تضرروا بقوة من هذه الأزمة، مما يحتم بلورة استراتيجية إحلال الواردات.
على مستوى الجاذبية الترابية من حيث الاستثمارات الدولية، على الدبلوماسية الاقتصادية أن تضطلع بكامل دورها من أجل تحسيس مغاربة المهجر في أفق الاستفادة من استثماراتهم وخبراتهم في مسار انعاش الاقتصاد الوطني. يتعين تكريس قواعد الحكامة الجيدة في مرحلة ما بعد الأزمة في تفعيل مبادرات الدولة وإجراء التغييرات المطلوبة: في مجال الصحة، يقع على الحكومة واجب مواصلة مجهود محاصرة انتشار الجائحة. في المجال الاقتصادي والاجتماعي، فإن الدولة مدعوة الى وضع مخطط حماية وإطلاق النشاط الاقتصادي والتشغيل.
و م ع
الكاتب : | و م ع |
المصدر : | و م ع |
التاريخ : | 2020-05-10 19:12:33 |